موسى النهاري

موسى النهاري

5
(3)

Loading

موسى النهاري

ولد موسى النهاري في قرية بيش في جازان، وحين أنهى المرحلة الابتدائية انتقل إلى السكنى مع عمه في بحرة بالقرب من جدة، وفيها التحق بالمعهد العلمي في مكة وبعد تخرجه التحق بكلية الشريعة في جامعة أم القرى وتخرج منها ليتم تعيينه قاضيا في كتابة عدل الأولى في مكة.  كان النهاري طالب علم لا ينظر للدنيا. همه مساعدة الناس وقضاء حوائجهم وإصلاح ذات البين، فكسب حبهم حتى أنه كان في سبيل ذلك ينفق جميع دخله المادي، حتى أنه عجز عن بناء مسكن لأولاده وبقي في منزل مؤجر حتى انتقل إلى رحمة الله.

نشط القاضي موسى النهاري في سبيل الدعوة وترأس مركز حي الشرائع، وكان خطيب جمعة في أحد جوامع بحرة، ويقيم مخيما سنويا في الحج يحجج فيه الكثير من الناس ممن لا يجدون دخلا كافيا لتأدية الفريضة.

يقول عنه ابنه الأكبر عاصم: «كان والدي مهتما بتربيتنا حيث يحرص على ذهابنا إلى حلق تحفيظ القرآن الكريم على نحو يومي، وكان شغوفا بطلب العلم ويستدل من ذلك حصوله على درجة الماجستير في الفقه أثناء عمله».
وعن مساعي النهاري في الإصلاح يقول ابنه عاصم: «كان يسعى في الإصلاح بين الناس، وأذكر أن هناك قضية استمرت لأكثر من 15 سنة بين أشقاء بسبب ورث وقد حلها وأصلح بينهم بعد جهد جهيد، كما أنه كان يوصينا بأن نهتم بديننا وبإخوتنا وأن لا نهتم بالمال، فهذه كانت آخر وصية له وهو على فراش الموت. لقد كان يرحمه الله يحرص على جمعنا مع الأقارب حيث يقيم مخيما في فصل الصيف في الطائف يجمعنا فيه».

ويضيف عاصم: «عمل والدي ما يقرب من 26 سنة في القضاء، أولا كقاض ثم مساعد رئيس كتابة عدل، وأخيرا عين رئيسا لكتابة عدل وهو في مرضه، وقد خرج والدي من هذه الدنيا بلا شيء وكسب حب الناس، إذ مات وهو مديونا بما يقرب من نصف مليون ريال، ولما توفي كنا نسكن في منزل بالإيجار، والحمد لله فقد ساعدنا أهل الخير وأصدقاء الوالد وزملاؤه والأقرباء في شراء أرض وبنينا فيها منزلا لنا، فالشكر لهم جميعا على ما قدموه لنا».

وعن مرض والده، قال عاصم النهاري: «كان والدي يعاني من آلام في بطنه شخصها أحد الأطباء على أنها قرحة في المعدة، وكان يتناول العسل والحبة السواء، واستمر على ذلك لمدة عام كامل حتى سقط وهو في مكتبه في المحكمة، لننقله إلى مستشفى في جدة، وبعد إجراء الفحوصات الطبية أكدوا لي إصابته بمرض السرطان، وكان يرحمه الله صابرا محتسبا، حيث استمر يؤدي عمله في المحكمة وكذلك عمله في الدعوة، وقد كان يحرص كل أسبوع على زيارة والدته ووالده في جازان، حيث يذهب يومي الخميس والجمعة لهما بشكل مستمر، وكان ينظم وقته بكل دقة، واستمر في مرضه ما يقرب من عام، وفي العام الذي توفي فيه حرص على عمل مخيم الحج كعادته كل عام، وحج معنا في ذلك العام عدد كبير من الحجاج خاصة من الفقراء، وكان رغم التعب الذي يعاني منه إلا أنه كان حريصا على تفقد المخيم في منى وعرفة، وقد بكى في أحد الأيام حينما علم أن هناك فتاة قد عملت معنا في الحملة في قسم النساء ولم يتم إعطاؤها حقها حيث نسينا وهي لم تطلب حياء، فلما علم بكى فزاد من أجرها».

ويسرد عاصم تفاصيل رحيل والده: «بعد يوم عرفة سقط مغشيا عليه ونقلته إلى أحد المستشفيات في جدة وبقي أسبوع ثم طلب مني إخراجه كي يؤدي طواف الإفاضة وهو ما تم من على ظهر عربة، ثم طلب مني أن أنقله إلى المنزل وهناك التقى إخوتي وجلس معهم وأوصاهم وكأنه يودعهم، ثم أعدته إلى المستشفى وبقي فيه حتى لقي ربه، وقد جمعنا قبيل وفاته وكان يوصينا بالمحافظة على ديننا وبعدم الاختلاف وتوفى يرحمه الله في عام 1429هـ».
عن شخصية القاضي موسى النهاري يتحدث رئيس المجلس البلدي في مكة المكرمة الدكتور عبد المحسن آل الشيخ: «كان موسى النهاري من أبرز الأعضاء الذين خدموا في المجلس رغم الفترة الزمنية القليلة التي أمضاها معنا، حيث وافاه الأجل ولكنه كان غيورا على خدمة مكة، وكنا نشعر بأنه أب لنا لما يتمتع به من الوقار والخلق الرفيع فكسب حب الجميع. وأذكر أنه عندما يطرح أمرا للنقاش ويرى أن الرأي الآخر أصوب كان أول من يتراجع عنه ولا يكابر في طرحه، بل كان ينشد الصواب والمصلحة أينما تكون. فقد عرف عن الشيخ موسى رحمه الله أنه كان يعيش لغيره لما فيه من العفاف والنزاهة، وكل من عاشره يعرف ذلك، وقد حصل على أكبر عدد من الأصوات على مستوى مكة رغم أنه لم يبذل أي جهد إعلامي له أثناء ترشيحه، وإنما كان سبب ذلك ما كان يبذله من جهد وخدمة للمجتمع جعلته قريب ومحبوب من الجميع».

أما نائب رئيس المجلس البلدي بشيت المطرفي وأحد الذين كان ينافسه في دائرة واحدة وهي دائرة الشرائع فقال: «رحم الله الشيخ موسى النهاري فعلى الرغم من أننا كنا نتنافس على دائرة واحدة، إلا أن التنافس بيننا لم يكن يثير أي شيء في الأنفس، ففي يوم إعلان النتائج اتصلت بمكتب الشيخ موسى وطلبت موعدا معه حتى أبارك له، وحددنا أن يكون ذلك بعد المغرب وكانت لدي محاضرة في الجامعة، وفي أثناء وجودي في الجامعة وإذا باتصال من الشيخ موسى، قال لي فيه إنه سوف يحضر إلى منزلي وقد حضر وكان نعم الرجل في أدبه وحكمته، ويكفي الشيخ موسى أن سكان مكة كلهم رشحوه حيث حصل على أعلى الأصوات».

ويشير الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء الدكتور يحيى زمزمي، إلى أن الشيخ موسى النهاري كان كريما لا يرد طالبا مهما كان «حتى أنه كان يستلف ويتحمل مديونيات في سبيل قضاء مصالح الآخرين، وكنا نقول له في كثير من الأحيان: لا تحمل نفسك أكثر مما تستطيع، ولكن يبدو أن طبيعة نفسه السخية كانت تغلب عليه رحمه الله، وكانت له أعمال دعوية واجتماعية، حيث كان يشرف على مدارس تحفيظ للقرآن الكريم في بحرة قام ببنائها والصرف عليها، فقد كان نموذجا للعفة والقناعة».

قيم معلومات هذه السيرة؟

اختر عدد نجمات التقييم

متوسط التقييم 5 / 5. عدد الأصوات: 3

لم يتم التصويت حتى الآن! كن أول من يقوم بتقييم هذه السيرة.

تعليق واحد

comments user
علي النهاري

رحمه الله تعالى رحمة واسعة كان شامة في جبين التاريخ المعاصر وقل أن يوجد مثله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون..

إرسال التعليق