عيسى بن علي محمد الحازمي
فضيلة الشيخ عيسى بن علي الحازمي الحسني الهاشمي يرحمه الله
هو عيسى بن علي بن محمد الحازمي ، الشّريف الحسنيّ ولد في 16/12/1344هـ في قرية صلهبة التابعة لمحافظة صبيا ، وهو من أسرة كريمة يعود نسبها إلى الدوحة النبوية المباركة.
نشأ يتيمًا ، ماتت أمه وهو في المهد ، ثم مات أبوه وهو دون السادسة ، تولت تربيته ورعايته جدّته لأمه ، تلقى تعليمه الأولي في كتاتيب قريته فتعلم القراءة والكتابة ، ثم أتم حفظ القرآن الكريم وهو دون العاشرة .
لاحظ معلموه نبوغه ونهمه في طلب العلم وقت لم يكن في المخلاف السليماني مدارس متخصصة فأشاروا عليه بالسفر لطلب العلم فسافر 1360هـ إلى صنعاء مشيًا على الأقدام والتحق بالمدرسة العلمية بها ، وكان سبقه فيها مجموعة من الطلاب السعوديين يأتي على رأسهم السّيّد أحمد الحازمي المعروف بالرفاعي وغيره من أبناء المخلاف السليماني .
أقبل على العلوم بنهم فكان يدرس صباحًا في المدرسة النظامية وفي المساء في جامع صنعاء ، مكث هناك قرابة عشر سنوات شبه متصلة إذ كان يقضي العطل الرسمية في تلقي العلوم على أيدي العلماء في بيوتهم ، درس في صنعاء علوم الشريعة بفروعها وعلوم اللغة العربية بفروعها ، وتبحر في كل فن وحفظ عشرات المتون في كل الفنون ، وكان محطّ إعجاب مشايخه ومحلّ حسد زملائه .
عاد إلى المملكة سنة 1369هـ عالمًا جليلاً ، فوُجِّه للقضاء إلا أنه فرّ منه إذ كان يهوى التعليم ، فعُيِّن معلمًا في القنفذة سنة 1371هـ فأبدع في هذا الميدان ، وسعد طلابه به وما زال طلابه يذكرونه بكثير من الثناء ويأتي في مقدمتهم الأستاذ حسن بن إبراهيم الفقيه ، اللذي لازمه ملازمة طويلة، وطالما افتخر بتتلمذه على يديه ، وله معه ذكريات رائعة .
كان يحضر مجلس الشيخ إبراهيم الحديثي رئيس محاكم القنفذة آنذاك فأعجب الشيخ الحديثي بفقهه فأصبح يطلبه في مجالس القضاء وله في هذه المجالس مواقف تشهد له بالتعمق الفقهي والفطنة والذكاء ، وكان كثير المجالسة للشيخ الحديثي والمذاكرة ، إذ يعدّه كوالده .
كان يسافر إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بشكل منتظم ويحرص على حضور مجالس العلماء كالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن باز ، وكانت له صلة قوية بابن باز . وفي عام 1374هـ زار القنفذة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ وكان مسؤولاً عن القضاء والتعليم ففوجئ به يدرّس ، إذ كان يبحث عنه لإلزامه بتولي القضاء فعاتبه على فراره من القضاء بعد أن صدر قرار تعيينه قاضيًا ، ثم طلب منه أن يقبل بتعيينه قاضيًا لحاجة القضاء إلى أمثاله ، وبالتنسيق مع الشيخ الحديثي الذي كان يؤيد هذا الأمر ، صدر قرار تعيينه قاضيًا للعرضية الجنوبية التابعة للقنفذة ، فامتثل للأمر وباشر عمله قاضيًا للعرضيتين سنة 1374هـ إذ لم يكن في العرضية الشمالية محكمة وظل فيها إلى عام 1384هـ حيث صدر أمر بتعيينه رئيسًا لمحاكم القنفذة وفي عام 1399هـ رُفِع إلى قاضي تمييز واستثني ببقائه رئيسًا لمحاكم القنفذة على درجة قاضي تمييز إلى أن أحيل على التقاعد في 16/12/1414هـ .
ثم تشرّف بعد تقاعده بصدور أمر ملكي كريم بالتعاقد معه لمدة عامين تقديرًا لمكانته و ترجّل فارسنا عن سلك القضاء في 16/12/1416هـ بعد رحلة شاقة في ميدان مهيب ، فيه من العبر والمواعظ ما يمثّل مدرسة ومنهجًا ، فلقد أبلى في سلك القضاء بلاءً حسنًا قرابة نصف قرن خدمة لدينه ثم وطنه .
من مزايا فضيلته :
- غزارة علمه ، فهو متبحر في علوم الشريعة وعلوم العربية بكافة فروعها .
- صاحة لسانه وقوة بيانه ، فهو خطيب مفوّه ، ذو صوت جهوري مميز ، بعيد عن اللّحن ، وهو يكتب الشّعر .
- فطنته وقوة ذكائه ، ودهاؤه ، وحسن معالجته للأمور .
- سعة أفقه ، وبعد نظره ، وتأنيه .
- وسطيته في الأمور كلها .
- قوة شخصيته وتأثيرها في المجتمع ، إذ كان مهابًا مقدّرًا .
- تواضعه الجم.
من أعماله الاجتماعية :
- تبنيه جماعات تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة القتفذة وكان رئيسها إلى أن أقعده المرض.
- سعيه في تأسيس الجمعية الخيرية بالقنفذة ، وهو الذي طرح فكرة تأسيسها على الشيخ عبدالعزيز البراهيم في مجلس ضم محافظ القنفذة السابق ووجهاء القنفذة الذين باركوا الفكرة.
- سعيه في إصلاح ذات البين وبخاصة بين الأسر والبيوتات المعروفة.
- تلمسه الأعذار في تقصير بعض الكرماء.
- حبّه الشديد لمحافظة القنفذة ووقوفه مع كل ما يعود بالنفع عليها .
- سعيه في توسيع عدد المحاكم بالمحافظة .
- نجاحه في جعل محكمة القنفذة محكمة كبرى .
- انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد ظهر يوم الثلاثاء 4/5/1425هـ ودٌفِن بعد مغرب ليلة 5/5/1425هـ في مدينة القنفذة بعد معاناة طويلة من المرض، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه على ما قدّم خير الجزاء
إرسال التعليق