حسن بن فرح الفيفي
ولد عام 1364هـ في فيفاء ونشأ وترعرع في أسرة عريقة استقرت فيها الشيخة منذ قرون كان والده رحمه الله شيخا لقبيلة الأبيات بفيفاء وشاعرا شعبيا دعم بشعره الإصلاح وأصَّل القيم والمثل الدينية والقبلية في نفوس مستمعيه وعرف بالتدين والصدق وإسهاماته الفعالة في حسم النزاعات القبلية وإطفاء نار الحروب بين القبائل ليس في فيفاء فحسب بل في كافة قبائل ساق الغراب وأمه الفاضلة عافية بنت حسن بن ساري آل الحرب الابياتي الفيفي أخت الشاعر المشهور علي بن حسن ساري رحمهم الله جميعا
نشأته وحياته
نشأ الشيخ حسن فرح الفيفي ودرس القرآن الكريم في فيفاء وفي عام 1374هـ درس في المدرسة السلفية بسامطة واستمر في مواصلة الدراسة هنالك في مراحل المعهد العلمي الثلاث حتى حصل على الشهادة الثانوية عام 1383هـ وفي العام التالي التحق بكلية اللغة العربية بالرياض وتخرج منها عام 1387هـ ثم عمل وكيلا للمتوسطة الأولى بأبها سنة واحدة ثم مديرا للمتوسطة الثانية بنفس المدينة لخمسة أعوام ثم انتقل إلى فيفاء بناء على طلب ملح منه تاركا ما وعد به من مستقبل كان ينتظره باعتباره رجل فكر وعلم وأدب وتربية وعاد إلى مسقط رأسه فيفاء بانيا ومصلحا ومربيا ليس في مجال عمله في متوسطة فيفاء المحدثة فحسب بل في المجتمع الفيفي كاملا ، فقد كان المنافح الأول عن القيم الدينية والقبلية المتفقة مع الدين والسد المنيع في وجه بعض العادات السيئة المنتشرة في ذلك الوقت ولا زال الكثير من أبناء فيفاء وبناتها يحفظون الكثير من أشعاره وقصائده التي نظمها باللهجة الفيفية ليتمكن من إيصال مغزاها إلى الناس كافة كتلك القصائد التي نظمها في الإصلاح الأسري والاجتماعي وغيرهما وقد استمر من عام 1374هـ في ترسيخ التعليم في فيفاء ولثلاثة وعشرين عاما وفي عام 1417هـ تقاعد عن العمل وقد تحققت لفيفاء بمتابعته ثمان وعشرون مدرسة للبنين ما بين ابتدائيات ومتوسطات وثانويات ومعهد علمي وعدد من مدارس البنات ولا يخفى على أحد ما للأستاذ حسن بن فرح في فيفاء من جهود تربوية مثمرة جعلت تلاميذه اليوم يتسنمون أعلى المراتب القيادية في وطننا الغالي ما بين وزيرٍ وعضو شورى ووكيلِ وزارةٍ وطبيبٍ ومهندسٍ وضابط وذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل ذلك المربي الحقيقي
وقال عنه معالي وزير الدولة لشؤون مجلس الشورى الدكتور سعود المتحمي اثناء زيارته لفيفاء قبل عامين الأستاذ حسن أشبعنا ضربا وعلما ومن هنا تتجلى لنا شخصية المربي الحازم الذي كان لا يرضى من طلبته النجاح فقط بل التفوق وهو ما خلق حس المنافسة الشريفة بين طلاب فيفاء وجعلهم يواصلون تعليمهم العالي رغم تضاريس البيئة الجبلية الوعرة عُرف عن الشيخ الفيفي رحمه الله حبه للوطن عامة وفيفاء خاصة حتى شغلاه عن الالتفات لذاته وحياته الخاصة فقد ضحى بصحته وماله ووقته وما كان يفترض به الوصول إليه من مناصب عالية في الدولة من أجل فيفاء واهلها وكان دائما يرد على معاتبيه لست في حاجة احد فأبنائي يتبوؤون اعلى المناصب في كل مكان اشتهر الشيخ الفيفي بنظم الشعر الفصيح وكان حاضرا بشعره الجزل في استقبالات الامراء والمسؤولين وطرق الشيخ كل انواع الشعر وترك ارث كبير في الادب والثقافة والعديد من المؤلفات والقصائد التي لا تزال تحتاج الى الجمع والطباعة حتى لا تضيع رغم ان الشيخ حسن فرح الفيفي لم يكن يحب الظهر من خلال وسائل الاعلام الا ان صيته ذاع من خلال قصائده التي كانت تروي حروفها قصة علم من اعلام الفكر والادب والثقافة اختاره أبناء قبيلته (عشائر الأبيات ) شيخا لهم في عام 1416هـ، وفي عام 1427هـ واختير عضوا في المجلس البلدي في بلدية فيفاء واستمر عضوا فاعلا فيها وانتخب نائبا لرئيس هذا المجلس حتى طلب إعفائه لظروفه الصحية للشيخ حسن فرح الفيفي 13 من الابناء والبنات
شخصيته وشعره
يتميز الشيخ حسن فرح الفيفي بشخصية فذة قوية وقيادية مؤثرة وهو كما عرّفنا به أعلاه شاعر مجيد، وهو لسان مجتمعه ومنطقته هو شاعر المحافل والمناسبات المميز ، يحرص المنظمون على أن يكون مشاركا معهم في المناسبات الوطنية وفي الأعياد، وفي استقبال الضيوف من أمراء ووزراء وغيرهم، حتى أطلق عليه لقب (شاعر المنطقة)، له العديد من القصائد الشعرية الرائعة ، بل كل قصائده كذلك، فهو مبدع في جميع أغراض الشعر
وشعره الشعبي لا يقل جودة عن فصيحه , وله محبيه ومتذوقيه، وفيه الكثير من المعالجات الاجتماعية الراقية ، ولا ينكر احد فضله في مساهماته التنويرية من خلال هذا الشعر ، ففي أواخر الثمانينات الهجرية وبداية التسعينات كما ذكرنا، كان له عن طريق ما يسجله بصوته من أشعار شعبية رائعة، ينقد فيها بعض التصرفات والتعاملات غير المقبولة ، فكان لها اكبر الأثر في تعديل كثير من تلك التصرفات، والتنبيه إلى العديد من الأخطاء والعثرات ، ثم ما كان له بعد ذلك من ادوار إصلاحية وتنويرية متعددة ، بما كان يعده من كلمات ومنولوجات وتمثيليات، يقوم على تنفيذها طلاب المدرسة (المتوسطة والثانوية)، في الاحتفالات والأنشطة الموسمية ، ويحضرها أولياء أمور الطلاب، و يتناقلها الناس وتنتشر بسرعة عجيبة في المجتمع ، لأسلوبها الرائع المقبول، والطرح الجميل المؤدب ، فيكتشف الناس من خلالها واقعهم وأخطائهم وتصرفاتهم ،فيعينهم ذلك على تعديلها أو استبدالها بما هو خير منها .
وله حضور مميز في المناسبات والاحتفالات العائلية، وفي الأعياد وغيرها، التي تمارس فيها بعض الألعاب الشعبية ويشارك فيها الشعراء ارتجالا دون سابق إعداد ، إنما حسب ما يمليه الواقع والموضوع الذي يطرق ، فيكون حلبة ممتعة للتنافس، تبرز فيها المواهب ،وتتمايز فيها الشعراء .
خطيب
وهو خطيب مفوه، قوي الحجة والبيان، فصيح المنطق واللسان، يقنع مستمعيه ويوثر فيهم، لصفاء فكره ورجاحة عقله، وسلاسة ألفاظه ومعانيه ، راوية لا تمل من سماع سرده، وحبك حكاياته، سواء تحدث عن الواقع المعاش، أو عن التاريخ وعبره ، تعيش معه في واقع ملموس ، تبهرك صوره وخيالاته ، ومع ذلك فهو يحسن الاستماع والإنصات ، لا يقاطع محدثة ولا يهمشه، يتركه على سجيته واسترساله ، يمنحه ثقة وانطباعا جميلا، واحتراما وصدى رائعا، وكأن ما يقال الآن لم يسمعه من قبل، ولو كان قد عرفه قبل أن يولد المتحدث .
كاتب
وهو كاتب مبدع، وباحث لغوي متمكن وصبور، لديه العديد من البحوث في أصول اللغة ومعانيها ، اهتم كثيرا بلغة أبناء فيفا وما جاورها ، في بحث له بعنوان (المفردات الفصحى في اللهجة الفيفية) جمع فيه وأحصى العديد مما تفردت به لغتهم من اللسان العربي الفصيح ، بل احتوى على العديد من الكلمات والتسميات المهجورة في كثير من مناطق العالم العربي، وما زالت تستخدم هنا، ولها شواهدها في القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر العربي القديم ، واستوعب فيه أكثر من أربعة آلاف كلمة ، وما زال هذا البحث كغيره من بحوثه وكتاباته مخطوط لم يطبع
له كتابات في التاريخ القديم والحديث، مما يتعلق بهذا القطاع الجبلي، يحوي دراسات بديعة، واستنتاجات سديدة، اقرب للصواب والمنطق، توصل إليها من خلال نظرة فاحصة، واستقراء جيد للواقع من خلال الأحداث التي مضت ، ومن خلال اطلاعه على بعض المخطوطات والمكاتبات والمعاهدات ، مما يضفى تفسيرا جديدا ، وتعليلا صادقا ،وصورة هي اقرب للواقع ، ويعطيك نظرة مغايرة لما كان في مخيلتك ، فيثري معلوماتك ، ويفتح مداركك، ويثير تساؤلاتك .
له ولع بالمبتكرات الحديثة ، يسارع إلى اقتناء كل جديد منها ، والتعرف على أسرارها، وتطويعها واستغلالها في تسهيل أموره، فمن خلال زيارة خاطفة لبيته تجد الجديد في كل مجال، بل ويطور معظمها لاستخدامها لغير ما صنعت له بما يتلاءم مع استخدامه الخاص، مما ينم عن عقلية مبدعة مبتكرة، لا تعرف المستحيل.
إرسال التعليق